أخبار الإنترنت
recent

آية الله المقدس الشيخ عبد الكريم شمس الدين رضوان الله عليه

 

 آية الله المقدس

الشيخ عبد الكريم بن الشيخ عباس بن أمين شمس الدين العاملي

 

      الشيخ عبد الكريم عالمٌ كبير وشاعرٌ جليل من ذرية الشهيد الأول محمد بن مكي رضوان الله عليه ، تقي ورع سمح لغوي ، له اليد الطولى في الشعر، الفحل الكبير والشاعر العبقري في عالَم الشعر والأدب والنجم الثاقب في سمائها ، وهو ابن الشيخ عباس ابن الشيخ أمين ابن محمد  .

     ولد المترجَم له في قريةٍ من قرى جبل عامل تسمّى  )قبريخا(   في حدود سنة ثلاثين بعد الألف والثلاثماية من الهجرة النبوية ، وقرأ القرآن وتعلّم الكتابةَ على بعض ساداتها المسمّى إبراهيم الحجازي   ثم لمّا بلغ الثانية عشرة أرسله والده إلى النبطية لمدرسة المرحوم السيد حسن يوسف ، فأقام بها مدة سنتين ، فدرس خلالها الأجروميّة وشرح قطر الندى وشيئاً من ألفيّة ابن مالك ، ثم عاد إلى بلاده  )قبريخا(  ، ولمّا بلغ العشرين من عمره هاجر إلى النجف الأشرف في أواخر السنة التاسعة والأربعين بعد الألف والثلثمائة هجرية لطلب العلوم الدينيّة وتهذيب الأخلاق النفسيّة  ، ولمّا حلّ بها زادها الله شرفا ومنعة أعاد النظر على ما ذكر آنفاً وأتمّ الألفيّة.

      ثم قرأ المغني في النحو والمعاني والبيان والمنطق واللمعة الدمشقية والمعالم في الأصول على جناب الأستاذ الفاضل الشيخ محمد علي الدمشقي  ، ثم قرأ (كفاية الأصول(  وشيئاً من )الفصول( على ثقة الإسلام السيد حسين الاصفهاني ، ثم قرأ رسائل الشيخ الأنصاري  )قدس سرّه(  ومكاسبه على العلامتين المفضالين المرحومَين الشيخ عبد الصاحب الجواهري والشيخ محمد الاشكوري .

      ثم قرأ الإلهيّات بالمعنى الأعمّ وشيئا من الإلهيات بالمعنى الأخصّ من منظومة السبزواري على جناب الحكمي المفضال السيّد جواد التبريزي ، وبعدما فرغ من الدروس  السطحيّة من الكتب المذكورة على الأساتذة المتقدمة توجه نظره إلى حضور الدروس الخارجيّة ، فحضر دورة فقهية ما عدا كتاب الخمس والزكاة والإرث على حجة الإسلام وملاذ الأنام وحيد دهره وفريد عصره المولى الأعظم الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء ، وحضر دورة كاملة في الأصول اللفظية والعمليّة على جناب حجة الإسلام الأعظم الشيخ شيخ محمد علي الكاظمي الخراساني ، وفي سنة 1365 كان يحضر خارجَ المكاسب وفروع العروة الوثقى على العلامتين الحجتين الورعين السيد محمود الشاهرودي والسيد محسن الحكيم ، وفي سنة  1364 ه تشرف بزيارة الإمام الرضا (ع( بصحبة ابن عمّه والدي الشيخ زين العابدين شمس الدين العاملي ،  ثم قفل عائداً  إلى النجف الأشرف فما زال بها حتى غادرها إلى مسقط رأسه ( قبريخا(  بطلبٍ من أهلها وذلك في أول يوم من سنة 1367هـ وأما مصنفاته : فله رسالة في الأصول اللفظيّة  ورسالة في الأصول العمليّة ، ورسالةٌ في الطهارة لم تتمّ ، ورسالة في صلاة المسافر لم تتمّ ، وديوان شعر يحتوي على أكثر من ألفي بيت من ضروب الشعر وفنونه ، وأكثره مدائح واستغاثات في أهل بيت العصمة عليهم الصلاة والسلام ،  وله مقاطعات شعرية مضمنة لمراسلات وديّة ومساجلات أدبية كان يراسل بعض إخوانه ومحبيه من الفضلاء  وسنذكر بعد شيئاً من ذلك والله ولي التوفيق  .

 

فمن شعره قصيدة يمدح بها أمير المؤمنين عليّا صلوات الله عليه:

مطلعها :

شمس الهداية في بروج سماها        لاحت فزال عن القلوب عماهــا

جُلّت معانيها فحارَ ذوو النُهــى       في درْكها فاستكثروا أسماهـــا

ومنها :

عجز الورى عن دَرْك غاية نفسه         مازانها إلا الذي سوّاهــــــا

صلّى مع الهادي النبي لربّــــه         والناس في ظُلَم الضلال سُراها

قـــد كان للمختار نار زنــاده         فإذا أهاب بدعوةٍ لبّاهـــــا

ومنها :

قسماً بصارمه الصقيل وسيفه           وقناه والسيف الذي زكّاهـــا

لو شاء أن يطوي السما بشماله            طيَّ السجل صحيفةً لطواهــا

عزمٌ لو السبع الشّداد تمثّلــت            شخصاً بيوم كريهةٍ لمحاهــا

علمٌ كما شاء الإله وحكمــــة            وسداد رأي كالنبي حواهــــا

طه المدينة وهو بابُ علومــه           في  كل آنٍ من أتاه اتاهــــا

ومنها :

أغضى أبو حسنٍ ومن إغضائـه            سرٌّ به كالشمس رأد ضحاهــا

أحيى الشريعة في بليغ سكوته            ومن البريّة نال حقن دماهــا

 

ومنها :

سلْ بدر ما فعلت ظُباه بجمعـه           والبئر سل من بالكُماة طواهـا

واسأل حُنيناً والنضير وخيبـــراً           مَن بابه في ساعديه دحاهـا

واستنطق الأحزاب عمّا قد جـرى           فيه تُجب جبالها ورُباهــــا

واحبس ركاب عند خندق طيبـةٍ            تجد الحفاظ المُرّ حول حماها

ومنها :

مولى البريّة أنت عُدّتيَ التي لــم           أرجُ في يوم الحساب سواهـــا

أنّي ارتكبتُ من الذنوب عظيمهـا           والنفس قد غلب الشقاء فناها

سوّفتُ عمري بالمُنى وصحيفتـي           سوداء من سُجف الغيوب أراهـا

ما قرّ في هذا وعقد ولائكــــم           قبل الوجود بغيره غذّاهــــا

والأمر مرجعهُ إلي فإن تشــــا            عُذّبتُ أو لا فالنعيم مُناهــــا

 

وهذا آخر القصيدة . وعددُ أبياتها سبعون بيتاً .

وله قصيدة رائيّةٌ يمدح بها مولانا أمير المؤمنين )ع( مطلعها :

المجدُ بالجدّ والعلياء والخطرِ          يبنيهما القاتلان البيض والسُّمُر

ومنها :

الموقد الحربَ إذ تخبو ذوائبُهـــا            لسيفه بالكُماة الوِردُ والصّـدّرُ

المرتضى النّدْبُ ذوالآلاء يحسمُهــا           للمُقتفي قبل أن ينتابه الضّررُ

ياواحداً لم يكُن في الكون من خطرٍ           إلا لعلياك يُنمى ذل الخطـــرُ

ومنها :

حكّمتَ في عنق الكفّار مؤتلفـــاً            ماضٍ بحدّيه نيطَ الحتفُ والضـررُ

سفرتَ للدين أعلامَ الهدى فغــدا           يُطبّقُ الأرضَ منها فائحٌ عطِـــرُ

وكنتَ بالعلم بحراً لن يضرّ بــــه           أخذُ السحاب ولم يُدرك لها قعــرُ

ما أشكلت للورى بالدهر مشكلـــة          إلا وتكشف عنها باسم السُتُــــرُ

لولاك لم يعبد الرحمان ذو نفــسٍ           في الأرض كلا ولم تُتلى له سُــوَرُ

يامن هو القُطبُ للدين الحنيف ومَن          صواعدُ الطير عن علياه تنحــدرُ

وهي تبلغ الواحد والخمسين بيتاً  .

وله قصيدة ثالثةٌ يمدح جميعَ آل النبوّة ومعدن الرّب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين مطلعُها :

لُذْ إن بُليتَ بفادحٍ بذوي الهداية والذّمَــم         آل النبي المُصطفى خير الأعارب والعجـــــم

مَن قد براهم ربُهم نوراً تُضئ به الظُلَــم         سعُد الورى بوجودهم وتكاملت بهمُ النّعـــم

ومنها :

فمَن اغتدى متمسّكاً بولا الهُداة أُولي النَعم       جاز السراط كأنّه برقٌ تألّق من أضــــــــم

فيرى الجنانَ زهيّةً غنّاء صافيــــةَ الأدَم       وهناك حوض المرتضى ذي الشأن والخطر الأشمّ

رب الفضائل والمفاضل والسجايا والكــرم       مَن حلّقت فيه نقيبتُهُ إلى أعلى القمــــــم

فالدين لولا سيفه حتى القيامة لم يقُــم        نصر النبيَّ محمداً والناس تسجدُ للصنــــــم

 

وعددُ أبياتها أربعة وثلاثون بيتاً ، ولو أردنا أن نستقصي موضوع المدائح في آل البيت )ع( لطال بنا المجال ولكنّا نكتفي بما ذكرنا  وله في الحكم والمواعظ قصائد ومُقطّعات كثيرة ، ننقلُ شيئاً

فمن قصائده فيهما قوله :

إنما المرءُ في الحياة مُعــذّب         ذاك أمرٌ لديّ أضحى مُجــــــرّب

لا تكُن كادحاً لغيرك واجمــل        في طلاب المعاش فالقصدُ أنسب

أين مَن عاش في النعيم زماناً         يسحبُ المطرفَ الرقيق المذهّـب

ومنها :

أين كسرى وقيصراً والنجاشي        وأبو الهول أين عمروٌ ومــرحب

فلكم دوّخوا البلاد وقادوا من         خميسٍ فالحربُ أمسى مُــدرّب

غالهم غائل الزمان فصـاروا         في بطون الأجداث إذ ذاك غُيّب

ومن شعره أبيات أرسلها للمرحوم والده من النجف الأشرف يستعطفه بها لمّا وجد عليه لبعض الأُمور . قال :

سقى ربعَ أحبابي مُلثُّ الغمائم (غير مكتملة ) .

توفي رضوان الله عليه عام 1427 هـ 2007 م ودفن في وادي السلام في النجف الأشرف على مشرفها آلاف التحية والسلام .

-----------------------------------

- من كتاب معالم وآثار الشهيد الأول محمد بن مكي (قده) 

تأليف وتحقيق : هادي الشيخ محمد جواد شمس الدين .

شبكة آل شمس الدين الثقافية

2024م - 1445 هـ






















شبكة آل شمس الدين الثقافية

شبكة آل شمس الدين الثقافية

الأكثر زيارة

يتم التشغيل بواسطة Blogger.