أخبار الإنترنت
recent

آخر من ترك جزين من ذرية الشهيد الأول ( قدس الله نفسه الزكية ) / معالم وآثار الشهيد الأول محمد بن مكي (قده)

    في سنة 1860 م، كانت جزين تلك البلدة العريقة في جبل عامل على أعتاب تحوّلات كبرى ، كانت أحداث تلك المرحلة العاصفة، وما رافقها من اضطرابات سياسية وطائفية في بلاد الشام، سببًا في دفع كثير من الأسر الشيعية إلى ترك مواطنهم التاريخية بحثًا عن الأمن وهرباً من الحرب والقتل .

   وسط هذه الأحداث، خرج الشيخ محمد ، وهو من سلالة الشهيد الأكبر الإمام محمد بن مكي الجزيني ( قدّس الله نفسه الزكية )، في رحلة وداع مؤثرة، تاركًا أرض الأجداد التي احتضنت قرونًا من العلم والعمل والجهاد ، كان الشيخ محمد آخر من غادر جزين من ذرية الشهيد الأول، لينتقل إلى زوطر ، حاملاً معه ليس فقط ماضي الأسلاف العظيم ، بل كنوزًا تاريخية وروحية تُعَدّ من أثمن ما ورثته العائلة عبر القرون ، لم يكن خروجه خروج شخصٍ عادي من بلدة إلى أخرى، بل كان انتقال إرث بأكمله من مكان إلى آخر، إرث يجمع بين عبق التاريخ ووهج القداسة ، فقد حمل معه:

- الصحيفة السجادية : كنز الدعاء والتربية الروحية الذي ورثه الشيعة جيلاً بعد جيل عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) وهو أثر نفيس تزيَّن بماء الذهب، ذو قيمة تاريخية عالية، ارتبط اسمه بإهداء كريم من شخصية تاريخية مرموقة هو حاكم خراسان علي بن المؤيد، ليصبح شاهدًا على امتداد العلاقة بين أهل العلم والسلطة في زمن الشهيد الأول (قده) .

- وثيقة السيدة فاطمة أم الحسن بنت الشهيد الأول إلى أخويها: وثيقة تاريخية بالغة القيمة، تحمل بين سطورها أصداء الحياة العائلية والاجتماعية الرفيعة والسامية في بيت الشهيد الأول (1) .

- كتب ومخطوطات نفيسة توارثتها الذرية المباركة على مدى قرون وعقود .

       كان حمل هذه النفائس بمثابة حمل الأمانة الكبرى؛ أمانة العلم والرسالة، وحين استقر الشيخ محمد في زوطر ، لم يكن مجرد ساكن جديد، بل أصبح العالم العامل وحلقة الوصل الحية بين ماضي السلالة المجيدة وحاضر المجتمع العاملـي، وموضع ثقة الأهالي وذاكرتهم الحية لتاريخ الشهيد الأول وأبنائه.

    وقد استمر أبناء الشيخ محمد وأحفاده بعد استقرارهم في زوطر على مدى عقود في زيارة جزين إذ كانت لهم أوقاف وأراضٍ أوقفها الشهيد الأول قدس الله نفسه الزكية وقفاً ذرياً لذريته من بعده واستمرت لما يقارب ال 500 عام قبل أن تسلب وتصادر في أوائل القرن العشرين (2) .

-----------------------------------------

- (1) أزهار الياسمين في مشاهير آل شمس الدين : ص  29 - 41 - 61 

- (2) الشيخ محمد رضا شمس الدين - حياة الإمام الشهيد الأوّل ، ص 35 : تقع جزين في الجنوب من جبل لبنان. تحدّها شرقاً مشغرة، وشمالاً قضاء الشوف، وغرباً إقليم جزين، وجنوباً قرية كفرحونة... وكانت منذ عهد قريب كلّ أهلها مسلمين، أما اليوم فمن النصارى المارونيين حتى حدثني سماحة سيّدي الوالد العلّامة الشيخ زيـــن العابدين شمس الدين ( المولود في زوطر ) أنه سافر إليها في صغره مع والده لتسلم نتيجة أوقاف له فيها ولا أثر لها اليوم، وفيها مسجد خراب ينسب للشهيد انقلب إلى كنيسة، ومقام للشهيد حُوِّلَ إلى طريق ووضع محله صخرة علامة عليه، ولـمـا ذهب أخي الخطيب الشيخ نجيب لأخذ صور لهما قال له خوري مقيم هناك بما يدلّ على تقديس النصارى هناك لمقام الشهيد والتبرك به ».

------------------------------------------------------

- من كتاب معالم وآثار الشهيد الأول محمد بن مكي (قده) 

تأليف وتحقيق : هادي الشيخ محمد جواد شمس الدين .

شبكة آل شمس الدين الثقافية

2025م - 1445 هـ





شبكة آل شمس الدين الثقافية

شبكة آل شمس الدين الثقافية

الأكثر زيارة

يتم التشغيل بواسطة Blogger.