مما ورد في حاشية صفحات 326 - 327 - 328 من مخطوطة سفينة نوح للشيخ شرف الدين محمد مكي حفيد الشهيد الأول قدس الله نفسه الزكية كان حياً سنة 1186 هجرية الموافق بالميلادي بين سنتي 1772 و 1773 ، والمخطوطة محفوظة في مكتبة المرعشي النجفي بقم المقدسة تحت رقم 12386 في ذكر مقتل الشهيد الأول قدس الله نفسه الزكية وقد ذكرها ابتداءاً من الصفحة 328 وانتهى في الصفحة 326 أي بالعكس :
قتل الشهيد بعد قتله للمتنبي في جبل عامل تقي الدين الجبائي البابلي ، يروى أنّ رجلاً عالماً فاضلاً بزعمه من علماء الشافعية وهو عباد ابن جماعة كان شريكاً للشريف الشهيد محمد بن مكي بن محمد بن أحمد بن حامد في الدرس في أوائل التحصيل والدرس في المعقول، كالنحو والمنطق والأصول ، فلمََا رأى طيران الشهيد في زمان قليل على معارج الكمال في العلوم كلها العقلية والنقلية ورأى رجوع الناس إليه كلها في الإستفتاء ، تحرّك عرق الحسد والعصبية في نفسه الخبيثة فسعى في تحصيل (...) ولم يستفد من ذلك ولم يرجع اليه أحد من معتبري (...) ، فاشتد لذلك حسده الأعظم واتهمه بالرفض وشنّع عليه عند علماء السنة والجماعة وأوشى عليه عند بيدمر ملك الشام ونواحيها وأظهر ذلك في المجالس والمجامع المعتبرة في الشام ، وقد بذل جهده في قتله بحيلٍ يطول ذكرها منها انهم كتبوا أسماء الصحابة العشرة ووضعوها في حذاءه لما دخل للصلاة في المسجد المشهور ، فلما خرج من الصلاة وقربوا له الحذاء فسقط منه أوراق فأخذوها وقرأوها فإذا فيها في كل ورقة العشرة وقالوا له لعلك كتبتها استخفافاً بالصحابة فأنت رافضي فأنكر ذلك ودفع مكرهم بالجدل الشرعي والعقلي فاشتد غضبهم وأيضاً ابن جماعة حتى انتهى الأمر الى قتله وكان من صفة قتله قدس سره أنهم أضرموا ناراً عظيمة في الشام قرب القلعة عند سوق الخيل ونادوا في شوارع الشام من كان مسلماً فاليساعد على احراق ابن مكي ، فاجتمع حطب لا يحصى ثم وضعوه في خشبة عظيمة فارغة وأضرموا النار ثن القووه في وسط النار فلما خمدت النار رؤوا الخشبة باقية ولم تحترق وهو فيها وخرج منها وخاطب الناس عن قتله وأنه لم يقع منه ذنب يوجب عليه القتل ، فلم يسمعوا له فطلب دواةً وقرطاساً فأعطوه ، فكتب على ظهر الورقة : ألك رضا بأن عظــمي تخلّه أم لك رضا بأن الأرض دمي تقلّه ، ثم رمى بها في الهواء إلى جهة القبلة فرجعت إليه والناس قد رأت رجوعها إليه وما كتب فيها فإذا في قفاها بخطٍ جَليّ : «فَلــــــيَ الأمر كلّه» وقيل أنه قد كتب في الورقة هكذا : "ربي ربي إني مغلوب فانتصر" ثم رمى بها في الهواء نحو القبلة فرجعت إليه : « يا بن مكي إن كنت عبدي فاصطبر» ، وقيل أنهم أولاً ربطوا أعضاءه في قوائم جمل مع يديه ورجليه ثم أزعجوا الجمل بزعجةٍ عظيمة بحيث أن الإبل إذا سمعت أسرعت إسراعاً عظيماً أرادوه أن يتقطع ، فلم يقم الجمل من مكانه فلما رؤوا ذلك عجبوا (..) . وقيل حضر الجلاد (..) وضربه بالسيف على عنقه وكان في ميدان قلعة دمشق وقيل لما هم ان يضربه الجلاد بكى ابن جماعة رياءً وكذباً فرآه الشهيد فقال ما كذبت أمك اذ سمتك بابن جماعة ، واستشهد قدس سره في عصر يوم الخميس في تسعة من جمادى الأولى سنة 786 ثم رفعوه على الخشب مصلوباً وانزلوه في عصر ذلك اليوم وأحرقوه (..) حشره الله مع شهداء أهل البيت صلوات الله عليهم (..) .
- من كتاب معالم وآثار الشهيد الأول محمد بن مكي (قده)
تأليف وتحقيق : هادي الشيخ محمد جواد شمس الدين .
شبكة آل شمس الدين الثقافية
2025م - 1447 هـ
